كــــــلــــــمتــــــي : مجـلة سياسـية ثقافـية اجتماعـية

أهـــلا بكم على موقع |كـــــلمـــــــتي| الالكتروني ! نتمني لكم قراة ممتعة و يرجو طاقم عمل كلمــــــــــتي أن تنال |كــــلمـــــــتــي| اعجاب و رضا الجميع ..... نحن مستعدون لاستـــقبال انتقاداتـــكم و ارائكم المختلفة على البريد الالكتروني التالي الخاص بالمجلة و نطلب من كل من يحب أن يـــشارك في كلمتي ارسال مشاركته على هذا البريد الالكتروني kalimati.fnsp@sciences-po.org

٠٨‏/٠٥‏/٢٠٠٧

مقالات متنوعة: الانتخابات الموريتانية


أول انتخابات رئاسية ديمقراطية في تاريخ العالم العربي... و لا أحد يهتم
بقلم أحمد بدر

في هذه الفترة التي تشهد اهتمام الجميع بالانتخابات الفرنسية لمعرفة من سيخلف جاك شيراك ليصبح رئيس فرنسا المقبل، لم يتحدث أحد
عن الانتخابات الرئاسية الأخيرة في موريتانيا التي أقيمت في ١١ مارس الماضي. إنني بالطبع لا أريد هنا التقليل من أهمية الانتخابات الفرنسية ، ففرنسا قوة اقتصادية ودبلوماسية ذات شأن كبير على الصعيد الدولي، ولذلك فهو من الطبيعي أن تلفت انتخاباتها الأنظار أكثر من الانتخابات الموريتانية. ولكنني أعتقد أن التجاهل التام لهذه الانتخابات من قبل المحللين السياسيين و الصحفيين أمر مؤسف للغاية، لأن هذه الانتخابات محورية، فيمكن اعتبارها بدون مبالغة أول انتخابات رئاسية مباشرة تتم بطريقة ديمقراطية في تاريخ العالم العربي. هذا التجاهل ليس أمراً جديداً، فالناس في العالم العربي دائماً ما تنسى أن هناك في أفريقيا السوداء العديد من الدول التي تنتمي إلى جامعة الدول العربية مثل موريتانيا وجيبوتي والصومال. وتشهد بعض هذه الأقطار البعيدة من العالم العربي تطورات خطيرة، فالصومال مثلاً تعيش في حالة فوضى كاملة منذ عام ١٩٩١ ، مما أدى إلى ظهور تيار ديني متطرف شبيه بحركة طالبان ، استطاع أن يأخذ الحكم و يسيطر على البلاد. فيما يتعلق بموريتانيا، فهو بلد غير معروف ، و لذلك سوف أقوم بتقديم سريع له قبل الحديث عن الانتخابات الأخيرة التي انعقدت هناك. المنطقة التي تسمى الآن بموريتانيا كانت في الأساس موطناً للمزارعين السود، وتم غزوها من قبل البدو البربر في القرن الرابع. ثم ضمت المنطقة بعد ذلك إلى إمبراطورية المرابطين و تم أسلمتها في القرن الحادي عشر و القرن الثاني عشر. لم يأت العرب إلى موريتانيا حتى عام ١٤٠٠. في القرن التاسع عشر قامت فرنسا باحتلال موريتانيا تدريجياً بإرسال قوات من السنغال. و لكن لم تتقبل موريتانيا الحكم الفرنسي بسهولة، و ظلت منشقة عن سلطة فرنسا حتى أصبحت مستعمرة في عام ١٩٢٠. و حازت موريتانيا باستقلالها عام ١٩٦٠، و لكنها تعيش مثل العديد من الدول العربية في حالة عدم استقرار و توتر مستديم منذ هذه الفترة. شهدت موريتانيا العديد من الانقلابات العسكرية في العقود الأخيرة، ففي عام ١٩٨٤ قاد معاوية ولد سيد أحمد الطايع انقلاباً عسكرياً و أصبح رئيساً للجمهورية. وبالرغم من العودة إلى الحكم المدني و التعددية الحزبية، إلا أن معاوية تمسك بالسلطة ، فأعيد انتخابه ثلاث مرات، و كانت النتيجة أحياناً تفوق اﻟ٩٠% !!! وقرر معاوية الاعتراف بدولة إسرائيل وإنشاء العلاقات الدبلوماسية معها ، مما جعل من موريتانيا أول بلد عربي غير مجاور لإسرائيل يقوم بالاعتراف بها. و أدى هذا الاعتراف بالإضافة إلى أمور أخرى مثل الفساد إلى تزايد كراهية الشعب الموريتاني لمعاوية. وظل الاستياء من حكمه يتصاعد حتى استغل الجيش في عام ٢٠٠٥ فرصة حضوره جنازة الملك فهد في السعودية للقيام بانقلاب عسكري و خلعه من الحكم. و قاد "المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية" البلاد حتى تم انعقاد انتخابات مباشرة لاختيار رئيس جديد في شهر مارس الماضي. هذه الانتخابات مهمة لعدة أسباب. أولاً ، لم يرشح العسكريون الذين قاموا بالانقلاب أنفسهم في الانتخابات ، مما يدل على أن هدفهم الحقيقي هو فعلاً تأسيس حكم ديمقراطي و ليس السعي وراء السلطة. إن مثل هذا الوضع شبيه بما حدث في تركيا في الماضي، و لكنه غير مسبوق في العالم العربي. ثانياً ، تمتعت الانتخابات بقدر كبير من الشفافية ، فبالإضافة إلى وجود ١٩ مرشح لمنصب الرئاسة كانت نسبة الامتناع عن التصويت (٣٠%) ضئيلة بمعايير العالم العربي. و كانت نتائج التصويت معقولة جداً ، ففي الدورة الأولى لم يتعد أية مرشح نسبة ٢٠% ، و ذلك بخلاف النتائج الخيالية التي اعتدنا عليها في الوطن العربي ! أما الدورة الثانية ، فشهدت مناقشة تلفزيونية بين المرشحين اللذان حازا بأكبر عدد من الأصوات ، و فاز في النهاية سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله ﺑ٥٣% من الأصوات ليصبح رئيس موريتانيا الجديد. والمدهش هو أن المرشح المعارض لم يكذب نتائج الانتخابات، بل تقبلها و قام بتهنئة عبد الله على فوزه. كل هذه الأمور طبيعية جداً في البلدان الأوروبية، و لكنها غير مألوفة على الإطلاق في الوطن العربي. سوف يتوجب على الرئيس الجديد التغلب على العديد من التحديات. فالمجتمع الموريتاني منقسم بين جزء من أصل بربري يريد زيادة الطابع العربي و الهوية العربية للبلاد، وجزء آخر مكون من السود غير البربر الذين يعانون من التمييز العرقي. بالإضافة إلى ذلك ، ما زالت العبودية منتشرة في موريتانيا حتى الآن، و هي مشكلة سيجب على الرئيس الجديد التصدي إليها. و لكن بالرغم من هذه الصعوبات فإن موريتانيا قطعت شوطاً كبيراً مع هذه الانتخابات، وأثبتت للعالم أن الوطن العربي بإمكانه أن يصبح ديمقراطياً. كما خالفت موريتانيا من يقولون أن الإسلام و الديمقراطية متناقضان، فموريتانيا جمهورية إسلامية تطبق الشريعة منذ عام ١٩٨٠، مما لم يمنعها من تنظيم انتخابات ديمقراطية. و لعل موريتانيا تصبح مثالاً لبقية الدول العربية، فالإصلاحات السياسية صارت أمراً ضرورياً لا غنى عنه، ولا يمكن أن تستمر الحكومات العربية في تأجيل هذه الإصلاحات لأن الوقت قد بدأ ينفد...

ليست هناك تعليقات: