كــــــلــــــمتــــــي : مجـلة سياسـية ثقافـية اجتماعـية

أهـــلا بكم على موقع |كـــــلمـــــــتي| الالكتروني ! نتمني لكم قراة ممتعة و يرجو طاقم عمل كلمــــــــــتي أن تنال |كــــلمـــــــتــي| اعجاب و رضا الجميع ..... نحن مستعدون لاستـــقبال انتقاداتـــكم و ارائكم المختلفة على البريد الالكتروني التالي الخاص بالمجلة و نطلب من كل من يحب أن يـــشارك في كلمتي ارسال مشاركته على هذا البريد الالكتروني kalimati.fnsp@sciences-po.org

٠٨‏/٠٥‏/٢٠٠٧

ثقافة و أدب: تعرف على فيلم



حلق الوادي... فيلم تونسي جريء عن الجنس و حدود التسامح الديني

بقلم أحمد بدر
كما كتبت لكم في العدد السابق من "كلمتي" ، سوف أقوم كل شهر بتقديم و نقد فيلم عربي أحثكم على مشاهدته. و بهدف التنويع و تغطية جميع أنحاء القطر العربي سوف أقدم أفلاماً من بلدان عربية مختلفة و ليس فقط من مصر ، و ذلك حتى لا يتهمني البعض بالانحياز و الغلو في الوطنية !! في هذا العدد وقع اختياري على الفيلم التونسي "حلق الوادي". هذا العمل السينمائي من إنتاج سنة ١٩٩٦ و لكن تدور أحداثه في صيف عام ١٩٦٧ ، أي قبل اندلاع الحرب مع اسرائيل. يروي الفيلم قصة التعايش بين ثلاث عائلات من ديانات مختلفة في مدينة حلق الوادي التونسية الواقعة قرب الشاطئ. هناك أولاً عائلة مفتش القطار المسلم يوسف ، و التي تجد صعوبة في دفع الإيجار الشهري للشقة التي تسكن فيها. ثم توجد في نفس العمارة أسرة الطاهي اليهودي جوجو الذي يبرع في صنع فطيرة البريك التونسية (و التي اعتاد طلبة سيانس پو على تناولها في مطعم الطوارق بمانتون !). و أخيراً هناك عائلة جيوسيپي المسيحية ، و التي هي إيطالية الأصل. يعيش أفراد هذه العائلات في مودة كبيرة ، إذ أن هناك صداقة حميمة بين يوسف و جوجو و جيوسيپي ، فهم دائماً ما يلعبون الورق سوياً في المقهى. و نجد نفس هذا الترابط بين بناتهم الثلاث مريم و تينا و جيجي. و لكن بالرغم من هذا التعايش السلمي ، تتعقد الأمور عندما تصر الفتيات على فقدان عذريتهن مع رجال لا ينتمون إلى دينهن. تتدهور تدريجياً العلاقة بين العائلات الثلاث ، ثم تنهار مع بدئ الحرب ضد اسرائيل و رحيل المسيحيين و اليهود من تونس. فيلم "حلق الوادي" عمل سينمائي جدير بالمشاهدة لعدة أسباب. أولاً ، فإنه يصور لنا حقبة تاريخية مهمة في تاريخ العالم العربي لا يتم الحديث عنها كثيراً ، و هي فترة ما بين الاستقلال و حرب ١٩٦٧ أي عصر الخمسينات و الستينات. عندما نشاهد هذا الفيلم اليوم يصعب لنا التخيل أن مثل هذا التسامح الديني كان موجوداً في العالم العربي ، و ينتاب المشاهد إحساس بالحنين إلى الماضي. و لكن ما يجعل من "حلق الوادي" فيلماً مثيراً هو أنه لا يقع في فخ العاطفية الساذجة ، بل ينظر إلى شخصياته بطريقة نقدية تجعلنا نفكر و نتسائل ما هي حدود التعايش السلمي بين الأديان. فالمجتمع الذي يصوره لنا الفيلم ليس مثالياً و التسامح فيه ليس مطلقاً. فالأفكار المبتذلة عن الطوائف الدينية المختلفة ما زالت تسيطر على عقلية يوسف و جوجو و جيوسيپي ، و ذلك بالرغم من حبهم لبعضهم البعض. و لكن الأهم من ذلك هو أن الفيلم يلفت الانتباه إلى نقطة في غاية الأهمية ، ألا و هي عدم تقبل المجتمعات العربية للزواج المختلط ، الذي هو بمثابة خط أحمر لا يجب تعديته. و السؤال الذي يطرحه الفيلم هنا في غاية الجدل : إلى أي حد يمكننا تقبل الآخرين؟ هل يمكننا تقبل الآخر لدرجة الاندماج الكامل معه بالزواج منه ؟ بالإضافة إلى ذلك يستعرض الفيلم مسألة فقدان العذرية قبل الزواج ، و هي مسألة يكاد يكون الحديث عنها محرماً في المجتمعات العربية. و بسبب هذين الموضوعين الشائكين تم منع "حلق الوادي" في العديد من البلدان العربية ، و لكن الفيلم بحوزتي و بإمكاني أن أعطيه لكل من يريد مشاهدته. قد يجد البعض صعوبة في فهم الحوار ، إذ أن هناك مزج بين اللغة الدارجة التونسية و الفرنسية و الإيطالية ، الأمر الذي يعكس ثراء اللهجات العربية المختلفة و انفتاحها الثقافي. و لكن لا تقلقوا ، فالفيلم مصحوب بترجمة لمساعدة كل من يجد صعوبة في تتبع الأحداث. "حلق الوادي" عمل سينمائي ذكي يمزج بين الجدية و الفكاهة ، بين التاريخ و السبقية ، و ذلك مع طرح أسئلة جدلية في غاية الأهمية لا يستطيع أحد الهروب منها
.

ليست هناك تعليقات: